إن اختيار إدريس الأول لمدينة وليلي كمنطلق لدعوته، يستند إلى أكثر من
معطى واقعي، فمن جهة كانت وليلي وقتئذ مركزا وملتقى تجاريا لمختلف القبائل البربرية، كما كانت قبيلة أوربة تتزعم مجموعة كبيرة من القبائل يتسع نطاقها من الأطلس الأوسط إلى وادي سبو. هذه العوامل منحت المنطقة أن تكون أصلح ما تكون كمركز لدعوة سياسية..
وحين حل إدريس بالمغرب، اتخذ مدينة وليلي منطلقا لدعوته، فدعا عبد الحميد عشيرته أوربه – وهي أكبر عشائر البربر – لبيعته، فكانوا أول من بايعه يوم الجمعة 4 رمضان 172هـ، وتلقب بـ"أمير المؤمنين". وخطب الناس يوم بويع فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيه "لا تمدن الأعناق إلى غيرنا فإن الذي تجدونه عندنا من الحق لا تجدونه عند غيرنا".
وتحدثنا المصادر التاريخية عن هذه البيعة التاريخية الأولى بالمغرب، التي بايع المغاربة بموجبها إدريس الأول سنة 172هـ ملكا لهم. وكيف أنها كانت بداية عهد جديد للإسلام والمسلمين في الغرب الإسلامي، ومن هؤلاء المؤرخين نذكر "ابن أبي زرع" في كتابه "روض القرطاس" إذ يقول عن هذه البيعة ما يلي: "بويع إدريس بن عبد الله بمدينة وليلي يوم الجمعة من شهر رمضان المعظم سنة 172هـ وكان أول من بايعه قبائل أوربة. بايعوه على الإمارة، والقيام بأمرهم وصلواتهم وغزواتهم وأحكامهم، ثم بعد ذلك أتته قبائل زناتة وأصناف البربر من أهل المغرب، ومنهم زواغة، وزواوة، ولماتة، وصدراتة، وغياتة، وتفزة، ومكناسة، وغمارة... إلى أن تتابعت الوفود من الأقاليم الصحراوية.."