أسس إدريس بن عبد الله الدولة الإدريسية بعد نجاته من موقعة فخ الدامية، التي ترتبت على الانتفاضة الشيعية ضد حكم الخليفة العباسي موسى الهادي، والتي شهدتها مكة بقيادة الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (سنة 169هـ).
لحق إدريس بن عبد الله بالمغرب الأقصى هو ومولاه راشد. فنزل بمدينة وليلي سنة اثنتين وسبعين ومائة، وبها يومئذ إسحاق بن محمد بن عبد الحميد أمير أوربة من البربر البرانس فأجاره وأكرمه وجمع البربر على القيام بدعوته، وخلع الطاعة العباسية وكشف القناع في ذلك.
ثم إن الظروف السياسية والاجتماعية التي كانت سائدة في القسم الشمالي من المغرب الأقصى قبيل وصول إدريس كانت مهيأة لقيام إمامة سنية يكتب لها النجاح والتوفيق. فكانت الظروف ممهدة لزعامة سياسية في المغرب الأقصى؛ تمكن القبائل الصنهاجية المصمودية المتمسكة بالسنة من التخلص من سلطان البرغواطيين، حيث كان شيوخ أوربة مستعدون لتأييد قائد وزعيم يخلصهم من طغيان هؤلاء، وينشئ لهم دولة وكيانا سياسيا على أسس الإسلام القويم. لذلك لم تجد دعوة إدريس بن عبد الله هذه صعوبة كبيرة في الانتشار والتوسع في أوساط القبائل البريرية.
وهذا يدل على أن اختيار إدريس الأول ومولاه راشد لبلاد المغرب الأقصى لم يكن أمرا اتفاقيا، وإنما كان اختيارا استراتيجيا وسياسيا مدروسا.